الجمعة، 11 يناير 2013

خليل مطران

خليل مطران

خليل مطران
  "شاعر القطرين" (1 يوليو 1872-1 يونيو 1949) شاعر لبناني شهير عاش معظم حياته في مصر. عرف بغوصه في المعاني وجمعه بين الثقافة العربية والأجنبية، كما كان من كبار الكتاب عمل بالتاريخ والترجمة، يشبه بالأخطل بين حافظ وشوقي، كما شبهه المنفلوطي بابن الرومي. عرف مطران بغزارة علمه وإلمامه بالأدب الفرنسي والعربي، هذا بالإضافة لرقة طبعه ومسالمته وهو الشيء الذي انعكس على أشعاره، أطلق عليه لقب "شاعر القطرين" ويقصد بهما مصر ولبنان، وبعد وفاة حافظ وشوقي أطلقوا عليه لقب "شاعر الأقطار العربية".

دعا مطران إلى التجديد في الأدب والشعر العربي فكان أحد الرواد الذين اخرجوا الشعر العربي من أغراضه التقليدية والبدوية إلى أغراض حديثة تتناسب مع العصر، مع الحفاظ على أصول اللغة والتعبير، كما ادخل الشعر القصصي والتصويري للأدب العربي.

حياته


هو خليل بن عبده بن يوسف مطران ولد في الأول من يوليو عام 1872 م في بعلبك بلبنان، وتلقى تعليمه بالمدرسة البطريريكية ببيروت. تلقى توجيهاته في البيان العربي على يد أستاذاه الأخوان خليل وإبراهيم اليازجي، كما أطلع على أشعار فكتور هوغو وغيره من أدباء ومفكري أوروبا، هاجر مطران إلى باريس وهناك انكب على دراسة الأدب الغربي.
كان مطران صاحب حس وطني فقد شارك في بعض الحركات الوطنية التي أسهمت في تحرير الوطن العربي، ومن باريس انتقل مطران إلى محطة أخرى في حياته فانتقل إلى مصر، حيث عمل كمحرر بجريدة الأهرام لعدد من السنوات، ثم قام بإنشاء "المجلة المصرية" ومن بعدها جريدة "الجوانب المصرية" اليومية والتي عمل فيها على مناصرة مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمر إصدارها على مدار أربع سنوات، وقام بترجمة عدة كتب.

    
من قصائده الثائرة:
شردوا أخيارها بحرا وبرا واقتلوا أحرارها حرا فحرا
إنما الصالح يبقى صالحا آخر الدهر ويبقى الشر شرا
كسروا الأقلام هل تكسيرها يمنع الأيدي أن تنقش صخرا
قطعوا الأيدي هل تقطيعها يمنع الأعين أن تنظر شزرا
أطفئوا الأعين هل إطفاؤها يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا
أخمدوا الأنفاس هذا جهدكم وبه منجاتنا منكم فشكرا
وخلال فترة إقامته في مصر عهدت إليه وزارة المعارف المصرية بترجمة كتاب الموجز في علم الاقتصاد مع الشاعر حافظ إبراهيم، وصدر له ديوان شعر مطبوع في أربعة أجزاء عام 1908، عمل مطران على ترجمة مسرحيات شكسبير وغيرها من الأعمال الأجنبية، كما كان له دور فعال في النهوض بالمسرح القومي بمصر.
ونظرا لجهوده الأدبية المميزة قامت الحكومة المصرية بعقد مهرجان لتكريمه حضره جمع كبير من الأدباء والمفكرين ومن بينهم الأديب الكبير طه حسين.


 أسلوبه الشعري


عرف مطران كواحد من رواد حركة التجديد، وصاحب مدرسة في كل من الشعر والنثر، تميز أسلوبه الشعري بالصدق الوجداني والأصالة والرنة الموسيقية، وكما يعد مطران من مجددي الشعر العربي الحديث، فهو أيضا من مجددي النثر فأخرجه من الأساليب الأدبية القديمة.
على الرغم من محاكاة مطران في بداياته لشعراء عصره في أغراض الشعر الشائعة من مدح ورثاء، لكنه ما لبث أن أستقر على المدرسة الرومانسية والتي تأثر فيها بثقافته الفرنسية، فكما عني شوقي بالموسيقى وحافظ باللفظ الرنان، عنى مطران بالخيال، وأثرت مدرسته الرومانسية الجديدة على العديد من الشعراء في عصره مثل إبراهيم ناجي وأبو شادي وشعراء المهجر وغيرهم.
شهدت حياة مطران العديد من الأحداث السياسية والاجتماعية الهامة وكان بالغ التأثر بها وعبر عن الكثير منها من خلال قصائده، وعرف برقة مشاعره وإحساسه العالي وهو الأمر الذي انعكس على قصائده، والتي تميزت بنزعة إنسانية، وكان للطبيعة نصيب من شعره فعبر عنها في الكثير منه، كما عني في شعره بالوصف، وقدم القصائد الرومانسية، من أبيات الشعر الرومانسية التي قالها عندما سئل عن محبوبته قال:
يا من القلب ونور العين مذ كنت وكنت
لم أشأ أن يعلم الناس بما صنت وصنت
ولما حاذرت من فطنتهم فينا فطنت
إن ليلاي وهندي وسعادي من ظننت
تكثر الأسماء لكن المسمى هو أنت
اهتم مطران بالشعر القصصي والتصويري والذي تمكن من استخدامه للتعبير عن التاريخ والحياة الاجتماعية العادية التي يعيشها الناس، فاستعان بقصص التاريخ وقام بعرض أحداثها بخياله الخاص، بالإضافة لتعبيره عن الحياة الاجتماعية، وكان مطران متفوقا في هذا النوع من الشعر عن غيره فكان يصور الحياة البشرية من خلال خياله الخاص مراعيا جميع أجزاء القصة.

    
من قصائده التاريخية: نذكر قصيدة "بزرجمهر"
سجدوا لكسرى إذ بدا إجلالا كسجودهم للشمس إذ تتلالا
يا أمة الفرس العريقة في العلى مإذا أحال بك الأسود سخالا
كنتم كبارا في الحروب أعزة واليوم بتم صاغرين ضئالا
عباد كسرى مانحيه نفوسكم ورقابكم والعرض والأموالا
تستقبلون نعاله بوجوهكم وتعفرون أذلة أوكالا
ألتبر كسرى وحده في فارس ويعد أمة فارس أرذالا
شر العيال عليهم وأعقهم لهم ويزعمهم عليه عيالا
إن يؤتهم فضلا يمن وإن يرم ثأرا يبدهم بالعدو قتالا
تفوق مطران على كل من حافظ إبراهيم وأحمد شوقي في قصائده الاجتماعية والتي تناول فيها العديد من المواضيع، محاربا فيها الفساد الاجتماعي والخلقي.

 قالوا عنه


أشار الدكتور ميشال جحا الأديب اللبناني والذي قام بنشر دراسة عن خليل مطران "إلى أن شوقي وحافظ ومطران، يمثلون الثالوث الشعري المعاصر الذي يذكرنا بالثالوث الأموي: الأخطل وجرير والفرزدق الذي سبقه بأكثر من اثني عشر قرنا من الزمن، كما عاش هؤلاء الشعراء في فترة زمنية متقاربة ، وفي كثير من الأحيان نظموا الشعر في مناسبات واحدة، إنما خليل مطران يبقى رائد الشعر الحديث ".قال الباحث اللبناني قاسم محمد عثمان ان ما صنعه خليل مطران في الأدب لم يصنعه أدباء عصره.
كما قال عنه الشاعر صالح جودت "أنه اصدق شعراء العرب تمثيلا للقومية العربية".
وعبر طه حسين عن رأيه في شعر مطران وهو يخاطبه قائلا "إنك زعيم الشعر العربي المعاصر، وأستاذ الشعراء العرب المعاصرين، وأنت حميت" حافظا "من أن يسرف في المحافظة حتى يصيح شعره كحديث النائمين، وأنت حميت" شوقي "من أن يسرف في التجديد حتى يصبح شعره كهذيان المحمومين ".

    
وقال عنه الشاعر العراقي المعروف فالح الحجية الكيلاني في موقعه إسلام سيفلايزيشن - الشعراء (عرف مطران كواحد من رواد حركة التجديد، وصاحب مدرسة متجددة في الشعر والنثر، وتميز أسلوبه الشعري بالصدق الوجداني الحي والأصالة العربية والنمغمة الموسيقية، ويعد مطران من مجددي الشعر العربي الحديث، ومن مجددي النثر إذ أخرجه من الأساليب الأدبية القديمة.) *
كما قال عنه محمد حسين هيكل "عاش مطران للحاضر في الحاضر وجذب جيله ليجعله حاضرا كذلك، فشعره وأسلوبه وتفكيره كلها حياة جلت فيها الذكرى وعظمت فيها الحيوية، ولهذا تراهم حين يتحدثون عن مطران يتحدثون عن الشعر والتجديد فيه".

    
من قصائده الرومانسية:
إن كان صبري قليلا فإن وجدي كثير ليس المحب صدوقا في الحب وهو صبور يا بدر سميت بدرا وأين منك البدور أين الجماد منيرا من ذي حياة ينير أين الصباحة فيه وأين منه الشعور أين السنى وهو شيب من الصبا وهو نور لم أنس حين التقينا والروض زاه نضير إذ العيون نيام والليل راء حسير نشكو الغرام دعأبا ورب شاك شكور وفي الهواء حنين من الهوى وزفير

 من قصائده


    
المساء، موت عزيز، الأسد الباكي، وفاء، الجنين الشهيد، المنتحر، الطفل الظاهر، نيرون، فتاة الجبل الأسود، شيخ أثينة، بين القلب والدمع، الزنبقة وغيرها الكثير من القصائد المميزة لمطران.
وقدم للمكتبة العربية كتب من ينابيع الحكمة والأمثال، ديوان الخليل، إلى الشباب والعديد من المترجمات لكل من شكسبير، وفيكتور هوجو.

    
تعد قصيدة "المساء" من أشهر قصائد مطران والتي قال فيها:
داء ألم فخلت فيه شفائي من صبوتي فتضاعفت برحائي يا للضعيفين استبدا بي وما في الظلم مثل تحكم الضعفاء قلب أذابته الصبابة والجوى وغلالة رثت من الأدواء والروح بينهما نسيم تنهد في حالي التصويب والصعداء والعقل كالمصباح يغشى نوره كدري ويضعفه نضوب دمائي هذا الذي أبقيته يا منيتي من أضلعي وحشاشتي وذكائي عمرين فيك أضعت لو أنصفتني لم يجدرا بتأسفي وبكائي عمر الفتى الفاني وعمر مخلد ببيانه لولاك في الأحياء
ويسترسل في نفس القصيدة مدمجا عواطفه في الطبيعة فيقول:
إني أقمت على التعلة بالمنى في غربة قالوا تكون دوائي إن يشف هذا الجسم طيب هوائها أيلطف النيران طيب هواء أو يمسك الحوباء حسن مقامها هل مسكة في البعد للحوباء عبث طوافي في البلاد وعلة في علة منفاي لاستشفاء متفرد بصبابتي متفرد بكآبتي متفرد بعنائي شاك إلى البحر اضطراب خواطري فيجيبني برياحه الهوجاء ثاو على صخر أصم وليت لي قلبا كهذي الصخرة الصماء ينتابها موج كموج مكارهي ويفتها كالسقم في أعضائي والبحر خفاق الجوانب ضائق كمدا كصدري ساعة الإمساء تغشى البرية كدرة وكأنها صعدت إلى عيني من أحشائي والأفق معتكر قريح جفنه يغضي على الغمرات والأقذاء يا للغروب وما به من عبرة للمستهام وعبرة للرائي أوليس نزعا للنهار وصرعة للشمس بين مآتم الأضواء أوليس طمسا لليقين ومبعثا للشك بين غلائل الظلماء أوليس محوا للوجود إلى مدى وإبادة لمعالم الأشياء ..


وفاته

جاءت وفاة مطران بالقاهرة في الأول من يونيو العام 1949م بعد أن اشتد عليه المرض، لتشهد مصر وفاته كما شهدت انطلاقته الأدبية.

مراجع

الاعمال الشعرية الكاملة لخليل مطران

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق